هل وضعت الحكومة، فى إطار خططها للإصلاح الاقتصادى، أن استمرار الحد الأدنى للأجور الحالى، خلال السنوات الثلاثة المقبلة، يكاد يكون من دروب المستحيل، وأن المواطن الذى يعانى، من الآثار السلبية يجب على الدولة أن تنظر لتضحياته بعين الاعتبار.
فبحلول الثالث من نوفمبر العام الماضى، بدأت مصر تنفيذ أكبر خطة لإجراء الإصلاح الاقتصادى فى تاريخها، حيث قرر البنك المركزى المصرى تحرير سعر الصرف، فى إجراء يتم لأول مرة، فى بلد يعانى من اختلالات هيكلية فى الاقتصاد.
اختارت الحكومة طريقا صعبا، باللجوء إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولى، والاتفاق على برنامج اقتصادى يتضمن تحرير سعر الصرف بهدف الوصول إلى سعر عادل للجنيه، وخطة لرفع الدعم وإصلاحات هيكلية بهدف السيطرة على العجز الدائم فى الموازنة.
وفى مقابل تعويم الجنيه، ورفع الدعم عن المحروقات، تعهدت الحكومة بحماية محدودى الدخل، منا الآثار السلبية لهذه الإصلاحات الاقتصادية التى يراها جميع الخبراء والاقتصاديين، ضرورة، لعلاج الاختلالات فى الاقتصاد المصرى.
الآن مرت 6 أشهر على بدء الإصلاحات الاقتصادية واتخاذ قرار تعويم الجنيه، ولكن مازال المواطن يعانى، من الآثار السلبية لهذه القرارات، حيث ارتفع التضخم الذى كان قد سجل 14 % قبل "التعويم" مباشرة فى أكتوبر 2016، وسجل خلال شهر إبريل الماضى 32.9%، واستمر ارتفاع السلع والخدمات بشكل كبير يفوق قدرة هؤلاء الذين يحصلون على 1200 كحد أدنى للأجور، فهل حان الوقت لأن تفكر الحكومة خلال الأشهر المقبلة فى هؤلاء المواطنين.
لم يخذل هؤلاء الموطنون الدولة أبدا، فتحملوا مرارة ارتفاع الأسعار وجشع التجار، بشجاعة، آملين، أن ما نمر به مجرد "غمة" أو "غمامة" ستنقشع خلال أشهر، إلا أنهم فى مقابل صبرهم ووفائهم، يحتاجون من الحكومة، لأن تنظر بعين الاعتبار لهم.
على الحكومة، ألا تكتفى بالإجراءات التى أعلنت عن اتخاذها وتنفيذها، خلال العام الحالى والعام المالى المقبل، بزيادة المستفيدين من تكافل وكرامة، وتوجيه الدعم لمستحقيه، فهذا كله لا يكفى، فى ظل المعاناة التى يتحملها المواطن، وإنما عليها أن تبحث ضمن خططها رفع الحد الأدنى للأجور خلال عام أو عامين على تقدير، واجب منها لهذا الشعب الذى تحمل الكثير.
على الحكومة، ألا تتحجج بأن ذلك سيزيد الضغط على الموازنة، وسيمتص آثار الإصلاحات التى اتخذتها .. علينا جميعا أن نناقش، كيف نوفر من اختصاصات أخرى لصالح الفقراء فى هذا الوطن .