يحيى حقى ورجاء النقاش.. ما يقوله الكبار عن الكبار

«حين تكتب أغلق فمك وإياك أن تفتحه» هذه الجملة واحدة من الجمل الكثيرة التى اصطادها الناقد الكبير رجاء النقاش من بحر الكاتب الكبير يحيى حقى، وأرسلها إلينا مضيئة ومعلمة لنا من خلال كتابه المهم «يحيى حقى.. الفنان والإنسان والمحنة» الصادر مؤخرا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة. الكتاب، والصادر بعد رحيل رجاء النقاش بسنوات، يأتى فى محبة يحيى حقى، لكنها ليست المحبة العشوائية التى لا أصل لها، فالمحبة هنا لها أسس تمت عليها وطرق سارت فيها، هذه الأسس وتلك الطرق اعتمدت على مبدأين هما الإنسانية والفن، فـ رجاء النقاش مفتون بشخصية يحيى حقى وبوعيه القائم على حب الأدب والكتابة والمتمثل فى الشخصية الجذابة المتعاطفة مع الفقراء والمهمشين. من خلال الكتاب نستطيع بسهولة أن نتعرف على شخصية مكتملة لـ يحيى حقى فهو مواطن مصرى من أصول تركية، نشأ هادئ الطباع محبا للحياة بسبب ظروف أسرته التى كانت فى وضع اقتصادى معقول، روحه محبة للجمال ومشغولة به «مهوس» باللغة العربية على حد قوله، فى صباه التقى أمير الشعراء أحمد شوقى وكان مفتونا بقصائده وفى الوقت نفسه كان مبهورا بأزجال بيرم التونسى، من أنصار ثورة 1919، شارك فيها وهو فى الرابعة عشرة من عمره، يتذكرها بكونها الثورة الصرف التى قام بها الشعب، ويؤمن بأن أبطالها الحقيقيين مجهولون ضحوا من أجل هذا الوطن. ويرسم رجاء النقاش من خلال هذه المقالات التى جمعها ورتبها بورتريها لـ يحيى حقى الكاتب الذى لم يكن مشغولا بالأضواء ولا بملذات الحياة بل كان «وحيدا» بمعنى أنه كان مستقلا، وكان حسه الصوفى يظهر فى كل شيء خاصة فى كتاباته، وربما أكبر دليل على ذلك رائعته «قنديل أم هاشم». ومن سمات يحيى حقى الكتبابية التى رصدها رجاء النقاش واعتبرها أعمدة كل كتاباته ومقالاته التفاؤل وإيمانه بأن كل إنسان يمتلك الإرادة التى من الممكن أن تغير حياته بشكل كامل، كما يمتلك الجاذبية الضرورية حتى لا يخسر ما يملكه ويستطيع أن يحقق أحلامه فى الحياة. لم يكن يحيى حقى يحب المشاحنات ولا الصدامات كما أنه لا يكتب من أجل العدد وزيادة الإنتاج بل كان مهموما بالكيفية، حتى مقالاته لم يكن مشغولا بنشرها فى المجلات الشهيرة والصحف الكبيرة، وهى تتمنى ذلك، بل كان ينشرها فى صحف ومجلات محدودة الانتشار. ربما عنوان «يحيى حقى والحياة النظيفة» الذى جاء فى أول الكتاب أكبر دليل على ما يود أن يقوله رجاء النقاش عن حياة يحيى حقى وكتاباته، كما أن الكتاب المشحون بحس سردى استطاع أن ينقل لنا جوانب أخرى من الحياة فى ذلك الوقت ومن الشخصيات التى عاصرت تلك الفترة، فنرى العقاد وطه حسين ومحمود شاكر وثروت عكاشة وجمال عبد الناصر وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ وغيرهم ممن ملأوا الدنيا وشغلوا الناس فى ذلك الوقت. وتظل كتابة الكبار عن الكبار تقدم لنا دروسا نتعلم منها كيف يكون التعامل فى الوسط الثقافى مع الأساتذة والمتميزين.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;