العرى فى الراس مش فى التمثال

من حين إلى آخر يجن جنون بعض المدعين الذين يحتقرون الحياة على شاشات التليفزيون وصفحات الجرائد فحسب، ويعبدونها فى كل تفاصيل يومهم، والحياة التى خلقنا الله فيها هكذا، فيها الرجل، وفيها المرأة، فيها الطعام والشراب، فيها الرغبة فى النجاح، والرغبة فى الشبع، ولن أحاول هنا استخدام لغة الاستعارة أو المجاز لأقول إن «الجنس» بمعناه الواضح والصريح من أكثر الأشياء التى تشغل بال الإنسان عامة، والإنسان المكبوت خاصة، والعيب من وجهة نظرى ليس فى الجنس على الإطلاق، لكن العيب والعورة فى استخدامنا لهذا الجنس، فى المراد من توظيفه فى الحياة، وهذا التوظيف هو ما يحدد هل هناك ابتذال ما فى هذا الاستخدام أم لا، هو ما يحدد الفارق بين استخدام مايكل أنجلو مثلا للجسد الإنسانى فى تماثيله، استخدام «شيما» لنفس الجسد فى كليبها «عندى ظروف»، ومن لا يرى هذا الفارق أو يساوى بين الاستخدامين فعليه أن يراجع الطبيب فورا، فمن لا يعرف الفارق بين تمثال عارٍ يضعه العالم فى المتاحف تقديرا واحتراما لقيمة الفن وقيمة الفنان وقيمة الجسد، وبين «غانية» يضعها العالم كله أيضا السلال الخلفية للوعى والشوارع الجانبية للرذيلة. من حين إلى آخر، يطل علينا أحد الشيوخ بخزعبلاته الدينية، يرهب هذا ويفزع هذا ويهاجم هذا، والحجة الدائمة هى إثارة الشهوات وإفساد الأخلاق، تماما كما حدث مؤخرا مع الكاتب الدكتور خالد منتصر الذى لم يفعل شيئا سوى نشر صورة لتمثال «اغتصاب بروزربينا»، للفنان الإيطالى جيان لورينزو برنينى فهاجت عليه الدنيا، كما لو أن متاحفنا لا تحتوى على مثل هذا التمثال وأكثر، وكما لو كان الحجر قادرا على إثارة شهوة أو زرع فتنة، وهنا تساءلت: كيف يثير الحجر إنسانا، بل ما هو وضع هذا الإنسان الذى يثار من رؤية حجر على شكل صدر دائرى إذا رأى تفاحة أو ثمرة كمثرى؟ فوفقا لهذا الخيال المريض فإنى أرى أن التفاحة باستدارتها ونعومتها وحلاوتها أكثر جاذبية وأشد فتنة من حجر أو رخام، أما فى حال ثمرة الكمثرى فحدث ولا حرج. تلك القضية ومثيلاتها تؤكد أن العرى خطر فعلا على الأمن العام، لكننى هنا لا أقصد عرى التماثيل وإنما أقصد عرى الأدمغة التى لم تتعد قادرة على استيعاب الجمال ووجهت كل وعيها لاستيعاب الابتذال، وهو ما يؤكد أيضا أننا بحاجة ماسة إلى حملة لتطهير الأدمغة من تلك الهشاشة الجنسية المريضة.



الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;